بأسا بالحجامة يوم السبت والأربعاء، والأيام كلها سواء، وإني لأكره أن يترك الحجامة على هذا، قالوا لا يحتجم يوم كذا وكذا، ولا يسافر يوم كذا وكذا، والأيام كلها لله عز وجل. قال: وكانت عائشة زوج النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تقول: لو نهي الناس عن جاحم الجمر لقال قائل فإني أحب أن أذوقه.
قال محمد بن رشد: أما تشاؤم من تشاءم بالسبت، والله أعلم، فلم يحتجم فيه من أجل أن أهل السبت تعدوا فيه فمسخهم الله قردة وخنازير، قال الله عز وجل:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}[البقرة: ٦٥]{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٦٦] وتشاؤم من تشاءم بالأربعاء ولم يحتجم فيه ولا سافر فيه من أجل ما روي من أن الأيام النحسات المشؤومات التي قال الله عز وجل فيها: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}[فصلت: ١٦] كان أولها يوم الأربعاء إلى الأربعاء ثمانية أيام التي قال الله عز وجل فيها: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة: ٧]{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}[الحاقة: ٨] . والأيام كلها لله، فلا ينبغي أن يتشاءم بشيء منها، ولا يمتنع في شيء منها في شيء من الأشياء كما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وفيما أغري الناس من مثل هذا وشبهه قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: لو نهي الناس عن جاحم الجمر لقال قائل لو ذقته، تريد أن الناس إذا نهوا عن شيء فيما يضر بهم في دينهم أو دنياهم زينه لهم إبليس ووسوس إليهم فيه حتى يوقعهم في المكروه، وكذلك لا ينبغي أن يتوخى في الحجامة أياما بأعيانها. وقال سئل مالك فيما يأتي في هذا السماع عن الحجامة لسبع عشرة