حضر؛ وإن كانوا جماعة كان الجعل لمن جاء سابقا بعده منهم. وهذا الوجه في الجواز مثل أن يخرج الإمام الجعل فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم أجمعين. وأما الوجه الذي لا يجوز باتفاق فهو أن يخرج كل واحد من المتسابقين إن كانا اثنين، أو كل واحد من المتسابقين إن كانوا جماعة جعلا على أنه من سبق منهم أحرز جعله وأخذ جعل صاحبه إن لم يكن معه سواه، أو أجعال أصحابه إن كانوا جماعة، فهذا لا يجوز بإجماع؛ لأنه من الغرر والقمار والميسر والخطار المحرم بالقرآن؛ وأما الوجه المختلف فيه فهو أن يخرج أحد المتسابقين إن كانا اثنين، أو أحد المتسابقين إن كانوا جماعة، جعلا ولا يخرج من سواه شيئا على أنه إن سبق أحرز جعله، وإن سبقه غيره كان الجعل للسابق، فهذا الوجه اختلف فيه قول مالك، وهو على مذهب سعيد بن المسيب جائز. ومن هذا الوجه المختلف فيه أن يخرج كل واحد من المتسابقين جعلا على أن من سبق منهما أحرز جعله وأخذ جعل صاحبه على أن يدخلا بينهما محللا لا يأمنا (كذا) أن يسبقهما على أنه إن سبقهما أخذ الجعلين جميعا، فهذا الوجه أجازه سعيد بن المسيب ولم يجزه مالك ولا اختلف فيه قوله كما اختلف في الوجه الأول الذي قبله؛ لأنه أخف في الغرر منه، ويجمع بينهما في المعنى أن حكم مخرج الجعل مع صاحبه في تلك في حكم مخرج الجعل مع المحلل في هذه، وسواء كان مع الجماعة المتسابقين محلل واحد أو مع الاثنين المتسابقين جماعة محللون، الخلاف في ذلك كله، إلا أنه كلما كثر المحللون وقل المتسابقون كان الغرر أخف والأمر أجوز. وقد روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية أبي هريرة أنه قال:«من أدخل فرسا بين فرسين وهو يؤمن أن يسبق فذلكم القمار» وهو حجة لابن المسيب، وبالله التوفيق.