للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشهر الحرم سنة إلى شهر صفر زيادة في كفرهم، وإن كانوا قد واطئوا العدة بتحريمهم أربعة أشهر لم ينقصوا من عددها شيئا؟ هذا قول الكلبي. وقال الحسن: كانوا يجعلون الأشهر الحرم في عام متوالية فيحرمون ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، وصفرا، ويقولون قد أنسأنا العام رجبا فلا يحرمونه فيه، وفي عام على منزلتها يحرمون ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، ورجبا. والأربعة الأشهر الحرم من السنة التي قال الله عز وجل فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٦] منها ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، كذا جاء في الأثر عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد جاء عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «أولهن رجب مضر بين جمادى وشعبان، وذو الحجة، وذو القعدة والمحرم» . فعلى هذا تكون الأشهر الحرم من عامين. وقال الكوفيون: هي من سنة واحدة، وأولها المحرم. والقول بأن أولها رجب وأنها من سنتين أولى الأقوال بالصواب؛ لأن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدم المدينة في ربيع الآخر، فأول شهر كان بعد قدومه المدينة من الأشهر الحرم رجب. وقد كانت العرب في الجاهلية تعظم الأشهر الحرم وتحرمهن وتحرم القتال فيهن، حتى لو لقي الرجل منهم قاتل أبيه لم يهجه، وبقيت حرمتها في الإسلام في تحريم القتال وغير ذلك، بدليل قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧] لأنه عظم القتال في الشهر الحرام في هذه الآية، ثم نسخ ذلك في براءة بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] ، وبقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>