ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم. وقول معاوية لأبي الدرداء حين باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء سمعت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عن مثل هذا: ما كنت أرى بمثل هذا بأسا، لم يقصد بذلك مخالفة ما قاله النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنما تأول قوله على أنه إنما نهى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن التفاضل في بيع العين بالعين والتبر بالتبر والمصوغ بالمصوغ، فأجاز التفاضل بين العين والتبر وبين العين والمصوغ وبين التبر والمصوغ، وهو شذوذ وخلاف للجمهور؛ لأنهم حملوا نهيه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن التفاضل بين الذهبين وبين الورقين على عمومه. فسأل صائغ عبد الله بن عمر فقال له: إني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل بذلك قدر عمل يدي، فنهاه عن ذلك وقال: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم. ففهم- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من قول النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الدينار بالدينار لا فضل بينهما»[أن الدينارين المصوغين من الذهب لا فضل بينهما] وحكم أن ذلك عهد من النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم. وقد جاء بيان ذلك فيما جاء من أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أمر السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا، وكل أربعة بثلاثة عينا، فقال لهما رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربيتما فردا» وبالله التوفيق.