للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعته أمه من أجل أن الإنسان لم يكن قبل ذلك إنسانا. والتلاوة إنما هي {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: ١] فقول مالك أن الحين ها هنا ما مضى من الدهر كله وقبل أن يخلق آدم، يقتضي أن قول الله عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] [مجاز من القول تقديره: هل أتى على عالم الإنسان حين من الدهر] لم يكن شيئا مذكورا خرج مخرج {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أي واسأل أهل القرية.

وهل هنا ليست استفهاما، وإنما هي بمعنى التقرير والوجوب، فمعنى الكلام على هذا: ألم يعلم الإنسان بالنظر الصحيح أنه قد مضى دهر طويل قبل أن يخلق ولم يكن شيئا مذكورا عند أحد من الخلق؛ لأنه لم يزل في الأزل مذكورا معلوما عند الله أنه سيخلقه. وقد قيل إن المراد بالإنسان ههنا آدم، وبالحين أربعون سنة [وهي المدة التي] كان فيها آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - طينة لم ينفخ فيه الروح، روي ذلك عن ابن عباس. ومعنى الكلام التقرير والتوبيخ وإقامة الحجة على من أنكر البعث، وكأنه معطوف على خاتمة السورة التي قبلها قوله فيها: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠] ألم يأت دهر طويل لم يكن الإنسان فيه شيئا مذكورا فقال إن من أحدثه بعد أن لم يكن، وكونه بعد عدمه، قادر على إحيائه وبعثه بعد موته، كما قال: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: ٦٢] وقوله بعد ذلك: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ} [الإنسان: ٢] أي ولد آدم، {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} [الإنسان: ٢] يعني ألوانا

<<  <  ج: ص:  >  >>