أخبرك بشيء مما أسر به إلي، فانصرف وقد يئس وهو يضرب بإحدى يديه على الأخرى. فلما حضرته الوفاة قال: الآن يا رجاء فحولني إلى القبلة، فحولته إلى القبلة وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فلما قضى نحبه غمضته وسجيته بقطيفة خضراء، وأرسلت إلي زوجته كيف أصبح؟ فقلت هو نائم وقد تغطى، فنظر رسولها إليه فرجع وأخبرها، فقبلت ذلك وظنت أنه نائم، فجعلت على الباب من أثق به ووصيته أن لا يبرح حتى آتيه ولا يدخل على الخليفة أحد، وأرسلت إلى أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا في مسجد دابق، فقلت بايعوا، فقالوا قد بايعنا مرة ونبايع أخرى. فقلت هذا عهد أمير المؤمنين أن تبايعوا ثانية لمن سمى في هذا الكتاب، فبايعوا ثانية رجلا رجلا. قال رجاء: فلما بايعوا بعد موت سليمان ورأيت أني قد أحكمت الأمر، قلت: قوموا إلى صاحبكم فقد مات أمير المؤمنين، فقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم قرأت الكتاب عليهم، فلما انتهيت إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام بن عبد الملك لا نبايعه أبدا، فقلت إذا والله أضرب عنقك قم فبايع، فقام يجر رجليه فبايع. قال رجاء: فأخذت بضبعي عمر بن عبد العزيز فأجلسته على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه، وهشام يسترجع لما أخطأه، فكان يرجى لسليمان بن عبد الملك بتوليته [عمر بن عبد العزيز] وتركه ولده أن يؤجر على ذلك ويجازى به. ولما غسل سليمان وكفن صلى عليه عمر بن عبد العزيز، فلما فرغ من كفنه أتي بمراكب. الخلافة فقال: دابتي أوفق لي، فركب دابته وصرفت تلك الدواب. ثم أقبل سائرا فقيل له: تعدل إلى منزل الخلافة، فقال فيه عيال أبي أيوب، وفي فسطاطي كفاية حتى يتحولوا، فأقام في منزله حتى فرغ له، وبالله التوفيق.