للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فدعاه صاحب الجيش رجل من قريش فقال ما شأنك كنت تقاتل ثم تركت ذلك؟ فقال إني غلام لابن المسيب فخفت أن أقتل، فقال له: قاتل فإن قتلت فقيمتك علي بالغا ما بلغت، فقاتل فقتل، فقدم القرشي المدينة فأرسل إلى ابن المسيب فأبى أن يأتيه، فقال قدمت وكان الحق لي وأنا رجل من قريش ولم تأتني فأرسلت إليك، فقال سعيد: لم تكن لي إليك حاجة فآتيك، فإن كانت لك حاجة فأت، فقال القرشي: فإن لي حاجة غلام كان لك ضمنت له أن أرضيك من ثمنه، فثمن علي ما شئت فإنه قاتل حتى قتل في سبيل الله. قال ابن المسيب: والله لا أجد له ثمنا، أجره لي وهو في النار.

قال محمد بن رشد: إباية سعيد بن المسيب أن يأخذ لعبده ثمنا وأن يحلل عبده مما صنع هو على ما يعرف من مذهبه في أنه كان لا يرى أن يحلل أحدا من تباعة له عليه ويرى ذلك أفضل. وقد مضى الكلام على ذلك والاختلاف فيه في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم.

وأما قوله وهو في النار فمعناه الذي أراد أنه في النار إذ أبق مني وقاتل بغير إذني ليذكر بالشجاعة، إن لم يغفر الله له. فقد جاء في الحديث: أن «أول [خلق] . تسعر بهم النار يوم القيامة رجل قاتل ليقال فلان جريء؛ حتى قتل، ورجل تصدق ليقال فلان جواد، ورجل قرأ القرآن وقام به ليقال فلان قارئ» في حديث طويل قد ذكرته بطوله في صدر كتاب المقدمات، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>