قال محمد بن رشد: قول الله عز وجل في سورة الحديد: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[الحديد: ٢١] مبين لقوله في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}[آل عمران: ١٣٣] ، فليس في قول الله عز وجل إن عرض الجنة كعرض السماء والأرض ما يدل على أن الجنة تستغرق السماء والأرض كما ظن السائل فسأل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أين تكون النار؟ فأجابه بما أجابه به مما دل أنه سلم له سؤاله، فالله أعلم بصحة هذا عن عمر بن الخطاب، لأن الجنة والنار مخلوقتان، قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا» وقال: «اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين في كل عام نفس في الشتاء ونفس في الصيف» . وعند أهل السنة، أن الجنة التي وعد الله بها أولياءه في الآخرة هي الجنة التي أهبط منها آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهي في السماء على ما دل عليه القرآن وجاءت به الآثار، فليس في قول الله عز وجل إن الجنة التي أعدها الله لأوليائه في السماء عرضها كعرض السماء والأرض معنى يشكل حتى يسأل من أجل ذلك أين تكون النار؟ والذي جاء في تفسير ذلك أن معناه سبع سماوات وسبع أرضين تلفقن كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض، فيكون ذلك عرضها، ولا يصف أحد طولها، وبالله التوفيق.