قول مالك في كتاب ابن المواز في أهل الصلح إذا أسلموا على أرضهم، وفيها معادن، أنها لهم مخالف لمذهب ابن القاسم مثل قول سحنون، وليس ذلك بصحيح، بل قول مالك هو الصحيح على أصل ابن القاسم في مالك الأرض لا يملك بملكها ما كان فيها من مجهول لم يعلم به كالمعدن وشبهه، خلاف مذهب سحنون في أنه يملك بملكها ما كان فيها من مجهول - لم يعلم به، وعلى هذا الأصل ذهب في المعادن إلى أنها إن كانت في أرض مملوكة، فهي لصاحب الأرض، وهو قول ابن حبيب في الواضحة.
وجه القول الأول أن الذهب والفضة التي في المعادن التي في جوف الأرض، أقدم من ملك المالكين لها، فلم يحصل ذلك ملكا لهم بملك الأرض، إذ هو الظاهر من قوله عز وجل:{إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[الأعراف: ١٢٨] ، إذ لم يقل إن الأرض لله يورثها وما فيها (من يشاء من عباده) ، فوجب بحق هذا الظاهر، أن يكون ما في جوف الأرض من ذهب أو ورق في المعادن فيئا لجميع المسلمين، بمنزلة ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب؛ ووجه القول الثاني أنه لما كان الذهب والفضة نابتين في الأرض كانا لصاحب الأرض بمنزلة ما نبت فيها من الحشيش والشجر.
والقول الأول أظهر؛ لأن الحشيش والشجر حادثان بعد الملك، فهما بخلاف الذهب والفضة في المعادن، وأما الحيتان المتولدة في برك أرض الرجل، فقد قيل: أنها لصاحب الأرض؛ لأنها تولدت في أرضه، وهو قول سحنون، وقيل: إنها لمن صادها من المسلمين؛ لأنه غيث ساقه الله لم يملك صاحب الأرض أصله، وروي عن أشهب أنه قال: إن كان صاحب الأرض وضع في البرك الحيتان، فتوالدت فيها فهي له، وإلا فهي لمن صادها من المسلمين، ولكل وجه؛ وسأله في الرواية هل للإمام أن يزيل منها الذي أقطعه إياها إذا طال عمله فيها ولم يتركها، ولا مات عنها، أو تركها ويقطعها غيره أم لا؟ فلم يجبه في ذلك، وقد