تلبسها الأعاجم. وقد رأيت ربيعة وابن هرمز يعتمان، ولم يكن واحد منهما يرخي بين كتفيه منها شيئا، ورأيتهما يسدلانها بين أيديهما، ولست أكره إرخاءها من خلفه لأنه حرام، ولكن هذا أجمل، ولم أر أحدا ممن أدركت يرخي بين كتفيه منها شيئا إلا عامر بن عبد الله بن الزبير، فإني رأيته يرخي بين كتفيه من عمامته. وقد بلغني أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين انصرف من الخندق وضع عنه السلاح، ولا أدري اغتسل أم لا، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، أتضعون اللامة قبل أن تخرجوا إلى قريظة؟ لا تضعوا السلاح حتى تخرجوا إلى قريظة. فصاح رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الناس أن لا يصلي أحد إلا في بني قريظة، وذلك لصلاة العصر، فصلى بعض الناس بعد فوات الوقت، ولم يصل بعضهم حتى لحقوا بني قريظة اتباعا لقول رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرئي يومئذ جبريل في صورة دحية معتما قد سدلها بين كتفيه. قال مالك وقال ربيعة إني لأجد العمة تزيد في العقل. قال مالك: حدثني ابن المطلب أنه رآه أبوه بغير عمة فانتهره وزجره واشتد عليه وقال تدع العمة!
قال محمد بن رشد: قد روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا اعتم يسدل عمامته بين كتفيه. قال نافع: وكان ابن عمر يسدل عمامته بين كتفيه. قال عبيد الله: ورأيت القاسم وسالما يفعلان ذلك، فلا وجه لكراهة ذلك إلا ما ذكره مالك من أن ذلك أجمل. وقول ربيعة إني لأجد العمة تزيد في العقل، ليس على ظاهره بأنها تزيد في العقل حقيقة. والمعنى في ذلك أن لابسها سلك من أجل لباسه إياها مسلك العقلاء. وذلك أنها لما كانت من هيئة