الله عز وجل قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المنافقون: ٩]{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون: ١٠] قال ابن عباس وغيره: يقول فأصدق فأؤدي الزكاة، وأكن من الصالحين: أحج البيت.
وقد روي عن بعض أصحاب مالك أنه كره أن يقول أدركت ما أدرك الصالحون، ولم ير بأسا أن يقول تقبل الله منا ومنك، وليس بين الأمرين فرق بين، لأنه دعاء بخير في الوجهين. وكأن المفرق بين الدعاء رأى أن الرجل أحوج إلى أن يتقبل منه عمله فيما مضى من أن يعيش فيعمل الخير فيما يستقبل، لأنه إن لم يتقبل منه أعماله المفروضات بقيت عليه فيها التباعات، وإن مات لم تكن عليه تباعة فيما لم يدرك وقته من المفروضات.
وسئل عن التهادي للقرابة في يوم العيد والتزوار بعضهم بعض، فأجاز ذلك. ومعناه إذا لم يقصد زيارته في يوم العيد من أجل أنه يوم العيد حتى يجعل ذلك من سنة العيد، وإنما زار قريبه أو أخاه في الله عز وجل من أجل تفرغه لزيارته في ذلك اليوم. فما أحدث الناس اليوم من التزام التزوار في ذلك اليوم كالسنة التي تلزم المحافظة عليها وترك تضييعها، هو بدعة من البدع المكروهة، تركها أحسن من فعلها. وليس للرجل أن يستعمل عبده يوم الفطر ولا أيام النحر إلا في الخدمة اليسيرة من استقاء الماء وشبهه، فأما أن يبعثه للحرث والحصاد وشبه ذلك فلا. وأما الرجل في خاصة نفسه فيقال له إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله، فإن أبى إلا أن يعمل لم يكن بذلك بأس، وبالله التوفيق.