قال محمد بن رشد: قوله لا بأس باشتراء الماء إذا منعته ولم تقو عليه، معناه لا بأس على البائع في بيعه، إذ له أن يمنعه ولا يمكن منه أحدا إلا بثمن، وذلك في مثل [الشراء] من البئر أو العين تكون في داره أو في جنانه الذي قد حظر عليه، لأن من حقه ألا يدخل أحد في داره أو في جنانه لاستقاء الماء منه إلا بإذنه، كان ذلك فيه فضل عن حاجته أو لم يكن. وأما إن كانت البئر والعين في أرضه التي لا ضرر عليه في الدخول فيها لاستقاء الماء منها فاختلف فيما يفضل من ماء ذلك عن حاجته هل له أن يبيعه أم لا على ثلاثة أقوال: أحدها أن له أن يبيعه وأن يمنعه إلا بثمن، وجد له ثمنا عند سواه أو لم يجده، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية والمشهور في المذهب، وقيل ليس له أن يمنعه إلا أن يجد له ثمنا عند سواه، فإن لم يجد له ثمنا عند سواه لم يكن له أن يحبسه عنه وهو لا يحتاج إليه، والثالث أن ليس له أن يبيعه ولا أن يمنعه إذا لم يحتج إليه وإن وجد له ثمنا، وإلى هذا ذهب يحيى بن يحيى على ظاهر قول النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا يمنع فضل بئر ولا يمنع رهو ماء، فقال: أربع لا أرى أن يمنعن: الماء، والنار، والحطب، والكلأ. وقد مضى هذا والقول فيه في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب السداد والأنهار.