مضى بعد ذلك أيضا ماله قدر، زكى ما ينوب ذلك كذلك أبدا حتى ينقضي العام الثاني، فيزكي بانقضائه ما بقي من واجب العام الأول، وأما تزكيته منها قدر قيمة الدار عند حلول الحول عليها عنده، فلا اختلاف في ذلك؛ لأن الدار وفاء بالدين، وملكها له قديم، وكذلك يدخل هذا الخلاف أيضا فيما يجب عليه من الباقي، فقال في الرواية على أصله فيها: إنه يزكي منه بقدر ما سكن شيئا شيئا، وعلى ما في المدونة لمالك لا يزكي منه بقدر ما سكن حتى يحول عليه الحول من يوم سكنه.
ومعنى قوله: وأوقفت الدار في عشرين، أن هذا الباقي الذي يزكي منه بقدر ما يسكن، إنما هو ما بعد قيمة الدار، وبعد العشرين التي تجب العام الماضي؛ لأنه قال: إن الكراء كان خمس سنين بمائة دينار، ويلزم على قياس القول الآخر - وهو بنى عليه جوابه في الرواية إذا زكى من المائة التي قبض ما يجب لما مضى مما حال عليه الحول، أن يجعل ما بقي من ذلك أيضا فيما عليه من الدين، فيزكي قدره من المائة، كما يجعل في ذلك قيمة الدار، ويزكي قدره منها لأنه إذا أخرج زكاته، صار الباقي منه بعد إخراج الزكاة كما أفاده مكانه، فيجعل الدين فيه على هذا القول، ويزكي قدر ذلك مكانه من غير أن يستقبل بذلك حولا من حينئذ - كما قال ابن المواز؛ على قياس هذا القول فيمن آجر نفسه ثلاث سنين بستين دينارا، وقبضها ومضت سنة ولا عروض له، أنه يزكي تسعة وثلاثين دينارا ونصف دينار؛ لأنه يخرج أولا زكاة عشرين دينارا نصف دينار، ثم يجعل ما بقي منها وذلك تسعة عشر دينارا ونصف دينار - فيما عليه من الدين، ويزكي قدر ذلك مما قبض، وعلى ما في المدونة لمالك لا يزكي بمضي السنة ما يجب لها من الإجارة؛ لأن الحول لم يحل على جميع ذلك منذ وجبت له بسقوط الدين عنه فيها؛ وقد قيل في الذي أكرى داره خمس سنين بمائة وقبضها: إنه يجب عليه أن يزكي جميعها إذا حال عليها الحول عنده؛ لأن