حكي عن العرب سماعا: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا في الدار. وقال الفراء والكسائي: في الكلام تقديم وتأخير، معناه حتى تسلموا وتستأذنوا، وهو أن يقول السلام عليكم أدخل؟ وقال حتى تستأنسوا أي تستأذنوا وتعلموا من في الدار هل هو ممن يجوز أن يدخل عليه أم لا، من قول العرب اذهب فاستأنس هل ترى من أحد.
قال محمد بن رشد: وإنما قال الفراء والكسائي إن في الكلام تقديما وتأخيرا لما روي عن ابن عباس من أنه كان يقرؤها كما كان أبي ابن كعب وابن مسعود يقرآنها: حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا، وليس تقديم السلام على الاستئذان على ما جاء في هذه القراءة بالذي توجبه البداية بالتسليم قبل الاستئذان كما قالا من أنه يقول السلام عليكم أدخل؟ لأن الواو لا توجب الرتبة، وإذا لم توجب رتبة فالبداية بما بدأ الله به من السلام أو الاستئذان إنما هو استحسان، لقول رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحج:«نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا» . وقد اختلفت الروايات في صفة استئذان أبي موسى الأشعري على عمر بن الخطاب، فروي أنه قال: السلام عليكم أأدخل، السلام عليكم أأدخل، السلام عليكم أأدخل؟ وروي أنه قال: يستأذن أبو موسى، يستأذن أبو موسى، يستأذن عبد الله بن قيس. وإذا كان قد قرئ حتى تستأذنوا وتسلموا، وحتى تسلموا وتستأذنوا، وكان الثابت بين اللوحين الذي يقطع أنه قرآن {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا}[النور: ٢٧] وكان معنى حتى تستأنسوا حتى تستأذنوا على ما روى ابن وهب عن مالك وقال إنه قول أكثر أهل التفسير، كان الصواب أن يقدم الاستئذان، فإن أذن له في الدخول سلم على من في البيت ودخل، لأنه قبل أن يؤذن له لا يدري على من يسلم، وقد لا يكون في البيت أحد يسلم عليه، لا كما قال في الرواية من أن معنى ما جاء في الحديث من أن الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع، هو أن يسلم