الله عليه وسلم- أكثر ظني وأنا شاك أنه قال:«لا تجحد من جحدك وأد الأمانة إلى من ائتمنك» وبه يفتي مالك ويأخذ.
قال محمد بن رشد: قد اختلف في الذي يستودع الرجل الوديعة فيجحده فيها، ثم يستودعه وديعة أو يأتمنه على شيء هل يحل له أن يجحده فيها ويقتطعها لنفسه فيما جحده من وديعته على أربعة أقوال في المذهب؛ أحدها المنع من الأخذ، وهو قول مالك في المدونة اتباعا لظاهر الحديث؟ والثاني الكراهة لذلك، وهو قول مالك في رواية أشهب عنه، والثالث الإباحة، وهو قول ابن عبد الحكم، ومذهب الشافعي؛ والرابع استحباب الأخذ، وهو مذهب ابن الماجشون، كان عليه دين أو لم يكن، وقيل إنما هذا إذا لم يكن عليه دين، فإن كان عليه دين لم يكن له أن يأخذ إلا قدر ما يجب له في المحاصة، وهو قول خامس في المسألة. وأظهر الأقوال إباحة الأخذ، لأن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أباح ذلك لهند بنت عتبة [بن ربيعة] بن عبد شمس لما شكت لرسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن زوجها أبا سفيان بن حرب لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها، فقال لها:«خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» لأن معنى قوله بالمعروف أن تأخذ مقدار ما يجب لها ولا تتعدى فتأخذ أكثر مما يجب لها. وكذلك تناول قوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا تخن من خانك» أي لا تتعد! فتأخذ أكثر من الواجب لك فتكون قد خنته أخرى كما