وأما الغارمون فقال في هذه الرواية: إنهم الذين تكون عليهم الديون، يريد من غير فساد، فلا يجدون لها قضاء، يريد أو يجدون لها قضاء فلا يفضل لهم من المال بعد قضائها ما تحرم به عليهم أخذ الصدقة؛ لأنهم إن لم يجدوا لديونهم قضاء فهم فقراء غارمون تكون لهم الصدقة بحق الفقر وحق الدين، وإن وجدوا لها قضاء ولم يفضل لهم بعد قضائها من المال ما تحرم به الصدقة عليهم كانت لهم الصدقة بحق الدين لا بحق الفقر؛ لأنهم أغنياء بما كان عندهم من المال مكافئا لما كان عليهم من الديون، وهم الذين قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهم:«لا تحل الصدقة [لغني] إلا لخمسة» فذكر فيهم الغارم. واختلف إن لم يكن مع الغريم ما يفي بدينه إلا دارا يسكنها أو خادما يخدمه، لا فضل في ذلك عما يحتاج إليه في سكناه واختدامه، هل يحسب الدين في ذلك فيأخذ من الزكاة لحق الفقراء خاصة، أو لا يحسبه في ذلك فيأخذ من الزكاة لحق الفقر والدين جميعا؛ واختلف إن كان له من المال ما يفي بدينه سوى الدار والخادم اللذين لا فضل فيهما، فقيل: إن الدين يحسب فيهما ويبقى له المال فلا تحل له الصدقة، وقيل: إنه يحسب الدين فيما له من المال سوى الدار والخادم اللذين لا فضل فيهما، فيأخذ من الزكاة لحق الفقير. والقولان قائمان من المدونة في المسألتين جميعا.
وأما قوله: وفي سبيل الله إنه الغازي في سبيل الله، فهو صحيح لا اختلاف فيه، وإنما يختلف هل يعطى منها الغني في الغزو؟ فقال في المدونة: إنه يعطى منها وإن كان غنيا، وهو قول محمد بن سلمة: إن الغني يأخذ من الصدقة ما يتقوى به للجهاد، وهو مذهب أصبغ. ولعيسى بن دينار في تفسير