قال محمد بن رشد: معنى هذه الرواية أنه فرق بين أن يجعل الفضة اليسيرة في الآنية التي يؤكل فيها أو يشرب فيها، وبين أن يجعل في الركابين واللجام والسكين؛ لأنه قال في جعلها في الآنية التي يؤكل فيها ويشرب إن ذلك مكروه، وقال في جعلها في اللجام والركابين والسكين إن ذلك لا خير فيه. والمعنى في ذلك سواء؛ لأن المكروه لا خير فيه، بل الخير في تركه، وما لا خير فيه فهو مكروه؛ لأن ترك ما لا خير فيه خير من فعله، والكراهية في ذلك كله سواء؛ لأنه إنما جاء النهي عن الأكل والشرب في آنية الفضة والذهب من جهة التشبه بالأعاجم، وكذلك اللجام والسرج المحليان بالفضة والذهب إنما لم يجز الركوب بهما من أجل ذلك. وكذلك الميزان من الفضة والسكين يكون نصابه كله فضة، فإذا لم يكن في شيء من ذلك كله من الفضة إلا اليسير، كالتضبيب في شفة الإناء أو الحلقة تكون فيه أو في الميزان، أو الشيء اليسير من الفضة في طرف اللجام أو طرف نصاب السكين وما أشبه ذلك، جرى ذلك على الاختلاف في العلم من الحرير يكون في الثوب، كرهه مالك ورأى تركه أحسن، وأجازه غيره من غير كراهة فرآه من حد الجائز. وأما السيف والمصحف فلا اختلاف في جواز تحليتهما بالفضة؛ لأنهما للرجل بمنزله الحلي للنساء، يجوز اتخاذه للقنية والاستعمال ولا تكون فيه زكاة، بخلاف سائر السلاح من الدرق والحراب والقسي لا يستخف في شيء من ذلك من الفضة إلا ما يستخف في الإناء الذي يؤكل ويشرب فيه.
وكذلك المرآة والمداهن. وقول أصبغ في ذلك إن الرجال فيه بمنزلة النساء صحيح؛ لأن ذلك ليس من ناحية لباسهن كالذي يتخذنه لشعورهن ولإقفال ثيابهن على ما قاله ابن شعبان، وبالله التوفيق له الحمد.