{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا}[لقمان: ٧] فليس هكذا أهل الإسلام. قالوا: فمعنى لهو الحديث الشرك، كقوله عز وجل:{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى}[البقرة: ١٦] فمن ذهب إلى هذا رأى الغناء مكروها منهيا عنه غير محرم في القرآن. وقال أبو جعفر الطبري: الذي أراه وأقول به في هذا أن الله عز وجل عنى به كل ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عز وجل عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله عز وجل عم بقوله لهو الحديث ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه في الغناء والشرك حتى يأتي ما يدل على خصوصه. وهذا الذي ذهب إليه أبو جعفر الطبري أولى ما قيل في تأويل الآية؛ لأنها وإن كانت نزلت فيما كان يفعله النضر ابن الحارث، فهي عامة تحمل على عمومها، ولا تقصر على ما كان سبب نزولها مما كان يفعله. وقد دل على حملها على عمومها ما روي من أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال-: «لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن» وقد نزل على تصديق ذلك في كتاب الله، يريد ما فهمه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عموم قوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}[لقمان: ٦] . وقوله في الحديث:«ولا يحل شراء المغنيات ولا بيعهن» معناه إذا اشتراهن لغنائهن أو باعهن بزيادة في قيمتهن من أجل غنائهن، وأما إذا اشتراها للخدمة وما أشبهها ولم يزد في ثمنها من أجل غنائها فذلك جائز للبائع والمبتاع. وإن اشتراها للخدمة لا لغنائها بأكثر من قيمتها لأجل غنائها] فذلك حرام على البائع ومكروه للمبتاع. وظاهر قوله في الحديث أن الثمن كله محرم على البائع، والذي يحرم عليه منه إنما هو ما ازداد على قيمتها من أجل غنائها، كمن باع خمرا وثوبا صفقة واحدة بدنانير، فلا يحرم عليه من الدنانير التي باعها بها إلا ما ينوب الخمر منها. فالمعنى في