بها علماء اليهود وأحبارها وعلماء النصارى لكتمانهم الناس أمر محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونبوءته، وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل، والبينات التي أنزلها عز وجل هي ما بين من أمر نبوة محمد ومبعثه وصفته في الكتابين اللذين أعلمنا الله أنهم وجدوه فيهما. وكذلك قوله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا}[البقرة: ١٧٤] الآية عني بها أحبار اليهود الذين كتموا أمر النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم يجدونه مكتوبا في التوراة بما كانوا أعطوا على ذلك، فقال الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا}[البقرة: ١٧٤] إلى قوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}[البقرة: ١٧٥] فلا يتعلق الوعيد المذكور في الآية بالعالم إلا إذا كتم ما علمه الله تعالى من العلم وجحده. وأما من علم وعمل به ولم يعلمه إلا لمن سأله في خاصته في شيء منه، فهو مثاب على علمه والعمل به، غير مؤاخذ على ترك الجلوس لتعليمه. وهذا هو الذي شبهه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالثمرة طعمها طيب ولا ريح لها. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها» وبالله التوفيق.