للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به، وهو مذهب ابن الماجشون والمعلوم من مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك؟

والثاني: أنه يجوز بيعه والانتفاع به، وهو مذهب ابن وهب، ويقوم مثله من رواية ابن القاسم عن مالك في رسم الشجرة تطعم بطنين في السنة من كتاب الصلاة في مسألة الصابون؟

والثالث: أنه لا يجوز بيعه ويجوز الانتفاع به، وهو دليل قوله في هذه الرواية: ترك ذلك أحب إلي. ولا اختلاف في جواز الانتفاع به بعد الدباغ. واختلف هل يطهر بالدباغ أم لا على قولين: فذهب مالك في رواية ابن القاسم عنه أنه لا يطهر بالدباغ إلا للانتفاع به خاصة، وقد رويت عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذه آثار متعارضة في الظاهر، منها أنه: «أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت؛» ومنها أنه قال: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر» ومنها أنه: «أمر ألا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب» . فلم يحملها مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية ابن القاسم عنه على التعارض، وجعل ما روي عنه من أنه أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت مفسرا للحديثين الآخرين فقال: فمعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر» أي طهر للانتفاع به، وقوله: إنه أمر ألا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب، معناه قبل الدباغ. هذا تأويل شيخنا الفقيه ابن رزق - رحمه لله- على مالك في هذه الأحاديث. وقال ابن لبابة: بل أخذ مالك بحديث عائشة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمر أن ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت» وأسقط الحديثين الآخرين فلم يأخذ بهما. وقول الفقيه أبي جعفر أولى؛ لأن حمل الأحاديث بالتأويل على أن بعضها مفسر لبعض واستعمالها كلها أولى من حملها على

<<  <  ج: ص:  >  >>