للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزكيه لما مضى من السنين؛ قال ابن القاسم: وإنما أراد بذلك إذا كان المقارض يدير المال في تلك السنين، على ذلك حملناه، وهو الذي أراد، فأما إذا كان لا يدار، فزكاة سنة واحدة إذا رجع إليه، وإن كان العامل لا يدير، ورب المال ممن يدير، زكاه للسنين كلها.

قال أصبغ: قلت لابن القاسم: وكيف ذلك: أبعد أن يرجع إليه؟ أم في كل سنة يقومه مع ما يدير ويقوم؟ فقال: بل في كل سنة يقومه مع ما يدير، ويقوم من ماله هو أحب ما فيه إلي - إن كان عينا موقوفا بحاله بيد العامل زكاه ربه كل سنة على عدده؛ أو إن كان في سلعة قومها كلها إذا جاء شهر زكاته، فزكى بقدر رأس المال وحصته من الفضل؛ وإن كان المقارض عنه غائبا ببلد غيبة لا يدرى كيف حالته فيها، ولا ما حدث عليه، ولا حال ما في يديه، فلا زكاة عليه حتى يعلم ذلك، أو يرجع إليه؛ فإذا رجع إليه زكاه للسنين الماضية على قيمة السلع في تلك السنين - إن كان في سلع، رأيته بمنزلة الرجل الذي يجهز إلى بعض البلدان، ويجيء شهر زكاته ولا يدري حال ماله ذلك، فلا زكاة عليه حتى يرجع إليه علم ذلك؛ فإذا جاءه ذلك زكاه للسنين الماضية التي كان الجهاز فيها غائبا، وقاله أصبغ، وقال: هذا فقه هذه المسألة مجتمع.

قال محمد بن رشد: قول مالك في أول المسألة: إن القراض إذا رجع إلى ربه بعد أعوام، يزكيه لما مضى من السنين إن كان على ما فسر ابن القاسم - يريد أن يزكي لكل سنة قيمة المتاع فيها، كانت قيمته في كل سنة أقل من قيمته في السنة التي قبلها أو أكثر - على ظاهر قوله: يزكيه لما مضى من السنين، وهو ظاهر ما في القراض من المدونة، وقد قيل: إنه إذا زاد في كل سنة يزكيه على

<<  <  ج: ص:  >  >>