على شيء فعله من المكروه في بعض مناهله التي نزل فيها في طريقه إلى الحج على سبيل التحذير له أن لا يعود إلى فعل مثل ذلك. وذلك في المعنى مثل ما رأى عبد الله بن جعفر من أنه أهدي له طبق فيه رأس خنزير عليه منديل لا يلصق به؛ لأن ذلك تنبيه له في منامه على التوقي من قبول شيء يهدى له من غير حله، فكان ذلك التمر الذي أهدي له حين أصبح من تمر حلوان. وحلوان: قرية من قرى مصر، وكان التمر الذي أهدي إليه من مال مغصوب منها والله أعلم.
ورأيت في جامع المستخرجة المنسوبة لابن أبي زيد وقد وصل بما قيل لأبي السمح في منامه من قوله نعم عمل الحج لولا المناهل، يريد أنها مغصوبة وذلك لا يستقيم، إذ لا يصح أن يقال فيما قيل للرجل في منامه إن القائل لك في منامك كذا وكذا أراد به كذا وكذا، إذ ليس ما يكلم به في منامه بكلام على الحقيقة ولا ما يراه في منامه بمرئي على الحقيقة، وإنما هي تشبيهات وتمثيلات يراها الرائي في منامه فتعبر على ما يظهر من معانيها. فقد رأى الملك بحضرة يوسف - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}[يوسف: ٤٣] ، فعبرها يوسف - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بما ظهر إليه من معانيها بأنها سنون سبع تأكل ما رفع الناس فيها سنون سبع جدبة. ورأى رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة أحد في منامه أن في سيفه ثلمة وأن بقرا له تذبح وأنه أدخل يده في درع حصينة فتأولها أن نفرا من أصحابه يقتلون، وأن رجلا من أهل بيته يصاب، وأن الدرع الحصينة المدينة. وقد يكون من الرؤيا ما يخرج على ما يراه