بموضع يقال له سكن، فأوصى أن تعتق كل أمة له ذات ولد حي من رأس ماله، وكل أم ولد ليس لها ولد تعتق من ثلثه، وهلك عن اثنين وعشرين فرجا، وكان يقطع كميه عند أطراف أصابعه.
قال محمد بن رشد: فيما أوصى به علي بن الحسين من عتق بعض أمهات أولاده من رأس ماله وبعضهن من ثلثه، دليل على أن الحكم كان في وقت وصيته بجواز بيع أمهات الأولاد، وهو مذهب داود القياسي والرافضة وأهل الظاهر. واحتج من نصر قولهم بقول الله عز وجل:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] ، روي عن جابر بن عبد الله أنه قال:«كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر بن الخطاب، ثم نهانا عمر عن بيعهن» . وهذا كله لا حجة لهم فيه: أما الآية التي احتجوا بظاهرها من القرآن قوله عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] فإنه يتخصص بما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله عند ولادة مارية القبطية لابنه إبراهيم: أعتقها ولدها، يريد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه ثبت لها حرمة بسبب ولدها، فلا تعود إلى الرق أبدا أو لا يجوز بيعها ولا هبتها، لا أنها بتلت حريتها؛ لأنه بقي له فيها الاستمتاع طول حياته، بدليل ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث ابن عباس أنه قال:«أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعده» . وهذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكافة فقهاء الأمصار. وقد كان بين الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في ذلك اختلاف، فذهب منهم إلى إجازة بيعهن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري. وقال عبد الله بن