خليطين؟ قال: نعم؛ لأن مالكا قال في القوم يفترقون في المراح، والحلاب، فهم خلطاء؛ ولم يرد في الحديث ألا يفترقوا في شيء من هذا.
قال ابن القاسم: هم خلطاء إذا اجتمعوا في جله - وإن افترقوا في الوجه الواحد منه - كما فسر لي مالك، لا يكونون خلطاء إلا أن يجتمعوا في جل ذلك.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه المسألة في بعض الروايات، وهي مثل ما في المدونة وغيرها، ولا اختلاف في ذلك في المذهب، والمخالف في هذا، الشافعي، فيقول: إنهما لا يكونان خليطين حتى يشتركا في المراح، والمسرح، والفحل، والدلو، ولا يراهما أيضا خليطين حتى يتخالطا من أول السنة؛ ويقول: إنهما خليطان وإن لم يكن لواحد منهما نصاب، وحجته الحديث:«ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة؛ وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية» ، وأبو حنيفة لا يرى الخلطة ولا يقول بها على حال من الأحوال، ويقول معنى ما في الحديث من قوله «لا يفرق بين مجتمع» هو أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة، فيفرقها الساعي أربعين، أربعين ليأخذ منها ثلاث شياه؛ فنهي عن ذلك، «ولا يجمع بين مفترق» هو أن يكون لرجلين أربعون شاة، عشرون، عشرون، فنهى الساعي أن يجمعهما ليأخذ منهما شاة، ومعنى ما فيه من قوله:«وما كان من خليطين، فإنهما يترادان بينهما بالسوية» هو مثل أن يكون الغنم بين الرجلين مشتركة على الثلث والثلثين، فيجب عليهما في ذلك شاتان: شاة على كل واحد منهما، فيأخذها من جملة الغنم قبل القسمة، إذ ليس عليه انتظار القسمة؛ فيكون إذا فعل ذلك، قد أخذ من حصة الذي له الثلثان: شاة وثلثا، ومن حصة الذي له الثلث ثلثي شاة، فوجب أن يترادا ذلك فيما بينهما حتى يستويا فيما يجب عليهما؛ فقول مالك وسط بين قول الشافعي، وأبو حنيفة، استحسان.