قسم الرجل زكاته، كان عليه أن يضعها في ستة أصناف؛ لأن سهم العاملين يبطل بقسمته هو إياها؛ والصحيح ما ذهب إليه مالك، وعامة العلماء: أنها توضع في الأصناف المذكورين، ويؤثر بذلك أهل الحاجة منهم.
وقوله: إن العبد لا يولى على الصدقة صحيح؛ لأن العمالة عليها في قبضها من أهلها، ووضعها في أهلها، ولاية كالحكم؛ فلا يصح من العبد، لما لسيده عليه من الحجر، مع نقصان مرتبته؛ وقول مالك: لا يجوز أن يليها إلا من كان يجوز له أن يأخذ منها، يستفاد منه أنه لا يجوز أن يولاها أحد من بني هاشم؛ لأن الصدقة لا تحل لهم، خلافا لأبي حنيفة في قوله: إن الهاشمي يجوز أن يولى على الصدقة؛ لأن الذي يأخذ منها، إنما يأخذه بعمالته، كالغني الذي لا تحل له الصدقة، وهو يأخذ منها بعمالته، وقد خالفه أبو يوسف، وقال بقولنا وهو الصواب؛ لأن الهاشمي لما لم يكن له في الصدقة حق بفقره، كان أحرى ألا يكون له فيها حق بعمالته؛ ومن سواه لما كان له فيها حق بفقره، لم يمتنع أن يكون له فيها حق بعمالته، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة - فذكر فيهم: أو لعامل عليها» .
فلما قال: إنها لا تحل لغني إلا بالعمالة، دل أنها تحل له إذا كان فقيرا دون عمالة؛ فخرج من ذلك الهاشمي بالإجماع على أنه لا تحل له إذا كان فقيرا دون عمالة، وقد أجاز أحمد بن نصر أن يستعمل عليها العبد، والنصراني - قياسا على الغني - وهو بعيد، وإنما قال: إن العامل على الزكاة إذا كان مديانا لا يأخذ منها كما يأخذ الغارمون، من أجل أنه هو الذي يقسمها، فلا يحكم لنفسه، وجائز للإمام أن يعطيه من أجل دينه - سوى ما يجب له بعمالته - على مذهبه في أن الزكاة موضوعة في الأصناف بالاجتهاد، لا مقسومة عليهم بالسوية.