هو الغسل وليس بالمسح، لا تمسح الأرجل إنما تغسل. قيل له: أفرأيت من مسح أيجزئه ذلك؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: أضرب مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عما سئل عنه من قراءة " وأرجلكم " إن كان بالنصب أو بالجر، وقصد إلى المعنى المراد بذلك، فقال: إنما هو الغَسْل وليس بالمسح؛ لأنه الذي ثبت عن النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قولا وعملا، وأجمع عليه علماء المسلمين في جميع الأمصار. وما روي في ذلك مما يتعلق به من يذهب إلى إجازة المسح من المبتدعين لا يثبت، ولو ثبت لكان مما يقضي بنسخه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال:«تخلف عنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفرة سافرناها فأدركنا، وقد أرهقتنا صلاة العصر ونحن نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا» ومن زعم أن سقوطهما في التيمم يدل على أنهما يمسحان كالرأس؛ إذ لم يسقط فيه ما كان يغسل، ينتقض قوله بغسل البدن من الجنابة، فإنه يسقط في التيمم مع عدم الماء ويجب غسله بالماء عند وجوده.
وأما قراءة من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦] ، فمن قرأها بالنصب عطفا على اليدين فهو الغسل لا كلام فيه؛ لأن الشيء يعطف على ما يليه وعلى ما قبله، وهو كثير موجود في القرآن ولسان العرب. وأما من قرأ:" وأرجلِكم " بالخفض ففي قراءته لأهل العلم أربعة أوجه: أحدها: أنها معطوفة على اليدين وإنما خفضت للجوار والاتباع، كما قالوا: جحر ضب خرب، وقد قرئ:" يرسل عليكما شواظ من نار ونحاسٍ " بالخفض، والثاني: أنهما معطوفتان على مسح الرأس وأن الغسل إنما وجب بالسنة، والثالث: أن المراد بذلك المسح على الخفين، والرابع: أن الغسل يسمى مسحا عند العرب؛ لأنها تقول: تمسحنا للصلاة، فبين النبي، عليه