للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: وهذا هو الراجح، أي لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات لصريح ما استدلوا به من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو صحيح محكم، ومن آخر ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته.

أما أدلة أصحاب القول الأول: أي القائلين ما دون الخمس يحرمن، فهي أدلة مطلقة لا تفيد في بيان العدد.

وأدلة أصحاب القول الثاني سيقت في بيان عدد الرضعات فهي مقيدة, وقد تقرر في أصول الفقه أن المطلق يحمل على المقيد، فقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}، وقوله -صلى الله عليه وسلم- «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» (١) هي أدلة مطلقة تحمل على المقيد بخمس رضعات لقول عائشة رضي الله عنها: «فَنُسِخَ مِنْ ذلِكَ خَمْسٌ وَصَارَ الأَمْرُ إِلى خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُوْمَاتٍ يُحَرِّمْنَ» (٢).

وقد ذهب أبو ثور، وأبو عبيد، وابن المنذر، وداود الظاهري (٣) بأن الذي يُحرِّم الثلاث رضعات وما دونها لا يحرِّم، واحتجوا لقولهم بحديث «لا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلا الْمَصَّتَانِ» (٤)، فمنطوقه أن الثنتين لا تنشر الحرمة، وأن ما زاد عليها ينشر الحرمة.


(١) سبق تخريجه، ص ١١٩.
(٢) سبق تخريجه، ص ١٣١.
(٣) المغني مع الشرح الكبير (٩/ ٢٠٠).
(٤) أخرجه مسلم في النكاح - باب في المصة والمصتان (١٤٥٠)، عن أم الفضل رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>