للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا فَضَلَ فَعَلى القَاتِلِ، وَكَذلِكَ الدِّيَةُ فِيْ حَقِّ مَنْ لا عَاقِلَةَ لَهُ (١)،

ــ

=لأنها في الأصل على المتلف، فإذا تعاونت العصبة على حملها فلا يناسب ألا يحمل القاتل وهو غني، وهذا ما ذهب إليه الحنفية (١)، والمالكية (٢)، واختار هذا القول الشيخ عبد الرحمن السعدي (٣).

قلت: والصواب أن العاقلة متى كانت قادرة على دفعها كلها فلا يحمل القاتل شيئاً، لكن إن لم تستطع العاقلة دفعها كاملة فيدفع القاتل باقيها.

ويبدأ بالأقرب فالأقرب؛ فيبدأ بالآباء والأبناء، ثم الإخوة وبنيهم، ثم الأعمام وبنيهم، وهكذا ... ، وإذا امتنعت العاقلة من دفع الدية فإنهم يجبرون، كغيرهم ممن وجب عليه حق فامتنع من أدائه، لكن بشرط ثبوته ببينة شرعية، لا بمجرد اعتراف الجاني الذي لم تصدقه العاقلة، ويراسل الغائب لئلا يكون غيابه حيلة.

(١) قوله «وَمَا فَضَلَ فَعَلى القَاتِلِ، وَكَذلِكَ الدِّيَةُ فِيْ حَقِّ مَنْ لا عَاقِلَةَ لَهُ»: أي وما بقي على القاتل من الدية بأن عجزت العاقلة عن إتمامها، فهو كقاتل لا عاقلة له، وقد سبق الإشارة إلى هذه المسألة عند قول المؤلف «وَإِنْ كَانَتْ دِيَةَ خَطَأٍ، فَهِيَ عَلى العَاقِلَةِ كَذلِكَ»، وذكرنا أن هذه المسألة على قولين:

الأول: أن ما لا عاقلة له أو له عاقلة عجزت عن إتمام الدية، أن الدية أو تمامها من بيت المال، وهذا رواية عن أحمد (٤)، بدليل: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «وَدَى=


(١) المبسوط للسرخسي (٢٧/ ١٢٦).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ٤٤٩).
(٣) الفتاوى السعدية، ص ٥٧٠.
(٤) المغني (١٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>