أو اصطادوه يوم السبت من الحيتان ولا يحرم علينا من ذلك شيء؛ لأنه طعامهم وإن لم يأكلوه، هذا معنى قوله دون لفظه، فبناه على أن الكفار مخاطبون بشرائع الإسلام، وهذا لا يصح فيما نحروه أو ذبحوه من كل ذي ظفر؛ لأنهم يعتقدون تحريم ذلك عليهم، فهو كالميتة إذ لا يقصدون بذلك ذكاة كمن رمى شاة يريد قتلها فأصاب مذبحها فقطع ودجيها وحلقومها، أو كمن ذبح شاة بالليل وهو يظنها خنزيرا، ولو ذبح ذلك لمسلم بأمره لتخرج جواز أكله على الاختلاف في المسلم يولي النصراني ذبح ما ينسكه؛ لأن النية في ذلك نية الأمر على ما بيناه في سماع أشهب من معنى قول ابن عمر للراعي: ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل، وإنما يصح في شحوم ما ذبحوه مما يأكلون على تأويل، إذ قد يحتمل أن يكون المراد بقوله عز وجل:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] أي: وطعامهم الذي هو حل لهم حل لكم، ويحتمل أن يكون المراد أي وطعامهم الذي أحل لهم وللمسلمين بالقرآن حل لكم، وأما على القول بأنهم غير مخاطبين بفروع الشريعة فشحومهم محرمة علينا على كل حال، إلا على مذهب من يأول أن المراد بذلك ذبائحهم، وذهب ابن لبابة أيضا إلى تحريم أكل ما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم أو سموا عليه اسم المسيح، تعليقا بظاهر قوله عز وجل:{أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام: ١٤٥] . وبظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] وسيأتي القول بعد هذا في رسم زونان فيما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم، وفي رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم من كتاب الذبائح في معنى قوله عز وجل:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] .