كله أن كل بيع وأجرة يكون في الشيء المبيع بعينه، فذلك بيع لا يجوز، وكل بيع وأجرة تكون الأجرة في غير الذي بيع، فلا بأس بذلك فوجدنا مسألة الحائك لأئمة هذا الأصل، فكل شيء تجده مما ضارعه فرده إليها، فإنها أصل ما سألت عنه، والبيع والشركة مخالف للبيع والأجرة، كل بيع وشركة تجده، فانظر فيه فإن كانت الشركة قد دخلت في البيع فذلك جائز، وإن كانت الشركة خارجة من البيع فلا خير فيه، فخذ هذين الأصلين على ما ذكرت، فإنه من جيد العلم.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في كتاب حبل الحبلة: إنه لا بأس للذي استعمل التور أن يبيعه قبل أن يستوفيه نقدا، أو إلى أجل كان اشتراؤه نقدا، أو إلى أجل، معناه أنه استعمله عنده ليعمله له من صفر قد أراه إياه، فصار التور المستعمل على هذا الوجه سلعة بعينها اشتراها، فجاز له أن يبيعها من غير الذي اشتراها منه نقدا، أو إلى أجل كان اشتراها نقدا أو إلى أجل كما قال، لا اختلاف في جواز ذلك، ولا يجوز له أن يبيعها من الذي استعمله إياها إذا كان قد نقده الثمن وغاب عليه إلا بعرض أو بمثل ذلك الثمن أو أقل؛ لأنه إن باعها منه بأكثر من الثمن الذي دفع إليه بعد أن غاب عليه كان سلف دراهم في أكثر منها.
ولو كان استعمله التور على صفة مضمونا عليه من غير أن أراه إياه بعينه لجاز له أن يبيعه قبل أن يستوفيه من غيره بما شاء إذا تعجل على مذهب مالك؛ لأنه يحمل ما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من النهي عن ربح ما لم يضمن على الطعام خاصة خلاف قول عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره من العلماء ممن حمل نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ربح ما لم يضمن على عمومه في الطعام وغيره، وإليه ذهب ابن حبيب، وهو مذهب ابن عباس وظاهر قوله في الموطأ، وإن كان مالك قد تأولها على مذهبه.
وما ذهب إليه سحنون من أن البيع والإجارة في الشيء للمبيع لا يجوز في شيء من الأشياء كان يعرف وجه خروجه أو لا يعرف هو مشهور معلوم من مذهبه، فإن وقع فسخ عنده في القيام ورد إلى القيمة بالغة ما بلغت في الفوات، يعلم ذلك من مذهبه؛ لقوله: وهذا