من غيرها، فيعطيها رضاع سنة ثم يموت الأب، قال: إذا مات الأب كان ما بقي من أجر السنة التي بقيت بين الورثة؛ لأنه إنما كان يجب عليه رضاعه ما كان حيا، قيل له: فلو كان ابنه غلاما يأكل الطعام، وهو عند أم له قد طلقها، فهو يجري له النفقة عندها، فقدم إليها نفقة سنة، فمات، أو فلس بعد ستة أشهر، قال: إذا مات فما بقي من النفقة فهو للورثة، وأما إذا فلس، فإن كان حين جعل ذلك هو جائز الأمر قائم الوجه، ولم يأت في ذلك منه سرف ولا محاباة، ولا أمر يتهم عليه، فذلك جائز، وإن كان على غير ذلك، رد ما بقي عنده من النفقة. قد قال ابن القاسم في غير هذا الكتاب، في الرجل يدفع إلى امرأته نفقة ولده، وقد طلقها، فيدفع إليها نفقة كثيرة، ثلاثين دينارا ونحوها ثم يفلس، قال: إن كان يوم دفع إليها عليه دين يحيط بماله، أخذ ذلك كله منها؛ لأنه فار بماله، فإن لم يكن عليه دين لم يؤخذ منها شيء.
قال محمد بن رشد: قوله فيما قدم الرجل من أجرة رضاع ابنه، أو من نفقته إلى التي ترضعه أو تحضنه: إن الابن لا يستوجب ذلك، كالعطية المحوزة، إذ لم يدفعه على وجه العطية له، وإنما دفع ما يرى أنه لازم له، وهو لا يلزمه إلا ما كان حيا، ويكون ما بقي من ذلك إن مات الأب موروثا عنه، هو مثل قوله في كتاب الجعل والإجارة من المدونة، خلاف قول أشهب وروايته عن مالك، في أن ذلك كالعطية للابن يستحقها طول حياته، وإن مات الأب، وإن مات هو في حياة الأب رجع ما بقي منها إليه، كالعبد المخدم حياة المخدم، إن مات المخدم استحقه المخدم طول حياته، وإن مات المخدم رجع العبد إلى سيده المخدم، فكان القياس على قول ابن القاسم، إذ لم يراع تقديم الأب، فيما قدم من أجرة رضاع ابنه أو نفقته، وجعل ذلك كأنه في يده،