يكون لورثته إن مات، ما بقي من ذلك أن يكون لغرمائه إن فلس ما بقي من ذلك أيضا، وإن كان يوم دفع ذلك وقدمه لا دين عليه، ولا يترك له من ذلك إلا قدر ما يترك للمفلس، إذا فلس من نفقة ولده الصغير، وذلك نفقة الأيام، على قوله في المدونة، والشهر على ما في الواضحة.
فقوله: إنه إن كان يوم دفع ذلك قائم الوجه، جائز الأمر، جاز ذلك للابن، إنما يصح على مذهب أشهب، وروايته عن مالك، الذي يرى ذلك عطية محوزة للابن، ويريد بقوله قائم الوجه جائز الأمر، أن يكون المفلس مأمونا عليه، مع كثرة ما عليه من الديون، مع ألا يتحقق أنها مستغرقة لجميع ماله، فيقوم من قوله هذا أن من وهب أو تصدق أو حبس أو أعتق، وهو غريم لقوم بديون كثيرة، إلا أنه قائم الوجه غير مخوف عليه الفلس، أن أفعاله غير مردودة، وإن لم يخص الشهود قدر ما معه من المال، وما عليه من الدين، وبهذا كان يفتي ابن زرب، ويستدل بهذه الرواية ويقول: لا يخلو أحد من أن يكون عليه دين. وقوله صحيح، واستدلاله حسن.
وأما إذا علم أن ما عليه من الدين يستغرق ما بيده من المال، فلا يجوز له هبة ولا عتق ولا عطية، ولا شيء من المعروف، ويجوز له أن يتزوج منه، وأن ينفق منه على ولده الذين يلزمه الإنفاق عليهم، وأن يؤدي منه ما لزمه من عقل جرح خطأ، أو عمد لا قصاص فيه، ولا يجوز له أن يؤدي منه عن جرح يجب عليه فيه القصاص. هذا معنى قول مالك في المدونة وغيرها، وبه يقول ابن القاسم؛ فقوله في آخر المسألة في الذي دفع ثلاثين دينارا أو نحوها لنفقة ابنه، ثم فلس: إنه إن كان يوم دفع ذلك عليه دين يحيط بماله أخذ ذلك كله منها؛ لأنه فار بماله، صحيح؛ لا اختلاف فيه إذا فلس بحدثان دفعها قبل أن ينفق منها شيء، وأما إن فلس بعد أن أنفق بعضها، فإنما يرد ما بقي منها، إذ من حق المديان أن ينفق على ولده مما بيده من المال، وإن كانت الديون مستغرقة له، ما لم يفلس.
وأما قوله فإن لم يكن عليه دين لم يؤخذ منها شيء، فقد بينا أن ذلك