لأن الإمام إنما يضرب له أربع سنين بعد البحث عنه، وأما الأربعة أشهر وعشرا، فإنما هي عدة لا يضربها لها الإمام، ولا تستأذنه فيها، وإن أرادت أن تترك العدة وترضى بالمقام على العصمة، فذلك لها ما لم تأخذ في العدة، فإذا انقضت العدة بانت من زوجها في الحكم الظاهر، ما لم ينكشف خطأ ذلك الحكم بمجيئه أو علم حياته. ألا ترى أنها إن ماتت بعد العدة لا يوقف له ميراثه منها؟ وإن كان لو أتى في هذه الحال، كان أحق بها، وإن بلغ من السنين ما لا يجيء لمثله وهي حية، لم تورث منه، وإن كانت لم تتزوج، وقال ابن حبيب: إنها تورث منه إن كانت لم تتزوج، وهو بعيد. واختلف هل لها نفقة في هذه الأربع سنين؟ فقال المغيرة: إنه لا نفقة لها إلا أن تكون قد فرض لها قبل ذلك نفقة، فيكون سبيلها في النفقة سبيل المدخول بها، والصواب أن لها النفقة؛ لأنه كالغائب، ولم يختلفوا أن من غاب عن امرأته قبل الدخول غيبة بعيدة أنه يحكم لها بالنفقة في ماله، وإنما اختلفوا في الغيبة القريبة على ما مضى في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم. واختلف فيما يحكم لها به من الصداق على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يحكم لها بشيء منه حتى يأتي وقت لو قدم لم يكن له إليها سبيل، وهو أن تتزوج ويدخل بها الزوج على اختلاف قول مالك في ذلك، فيقضى لها حينئذ بنصف صداقها، فإذا بلغ من السنين ما لا يجيء لمثله، قضي لها بقيمته، وكذلك يقضى لها بجميع الصداق، إن انكشف أنه مات قبل أن تتزوج، وإن انكشف أنه مات بعد أن تزوجت أو بعد أن تزوجت ودخل بها زوجها، لم يكن لها إلا نصف الصداق. وجه هذا القول، أنه يحكم لها بحكم الحي، لاحتمال أن يكون حيا ما دام أمره مجهولا، فإن بلغ من السنن ما لا يجيء إلى مثله، ولم يعلم له خبر، حمل أمره على أنه مات عند انقضاء الأجل المضروب لامرأته. هذا قول ابن الماجشون. وقال ابن وهب: إذا بلغ من السنين ما لا يجيء إلى مثلها، وقد كانت تزوجت، لم يكن لها إلا نصف الصداق. ووجه ذلك أنه حكم لها بحكم بوقت الحياة إلى الوقت الذي حكم بتمويته. والقول الثاني: أنه يقضى لها بنصفه، فإن بلغ من السنين ما لا يجيء إلى مثلها وقد تزوجت أو لم