تتزوج، أو ثبتت وفاته ما بينه وبين أن تبين منه بالدخول أو التزويج، على الاختلاف المعلوم، قضي لها ببقيته، حكى هذا القول ابن الجلاب في كتاب التفريع. وحكاه ابن سحنون أيضا. ووجهه أنه لما احتمل حين أبيحت للأزواج أن يكون ميتا، فيجب لها جميع الصداق، وأن يكون حيا، فلا يجب لها إلا نصف الصداق، على حكم المطلقة قبل الدخول، لم يقض لها إلا بما لا شك فيه وهو النصف، حتى يمضي له من الزمان ما لا يجيء إلى مثله، أو يثبت أنه مات قبل أن تتزوج، فيقضى لها ببقيته في الوجهين؛ لأنه إذا بلغ من السنين ما لا يجيء إلى مثله، حكم له أنه كان ميتا عند انقضاء الأجل. وقال ابن وهب: إذا بلغ من السنين ما لا يجيء إلى مثلها بموت لم يكن لها إلا نصف الصداق على أصله، في أنه يحكم له بحكم الحياة، إلى الوقت الذي حكم بتمويته. والقول الثالث: أنه يقضى لها بجميعه. وهو قول مالك في هذه الرواية. ووجهه أنه لما أنزل أمره على أنه قد مات في أن تعتد امرأته عدة الوفاة وتتزوج، أنزل أمره أيضا على ذلك في وجوب جميع الصداق لها. واختلف على هذا القول إن قدم بعد أن تزوجت ودخل بها الزوج، أو علم أنه مات بعد ذلك، فقال هاهنا: إنها لا ترد من الصداق شيئا؛ لأنها قد انتظرته وضيق عليها. وقال في سماع سحنون: إنها ترد نصفه، وهو القياس؛ لأن الغيب قد كشف خطأ الحكم الأول، فوجب أن يرجع إلى الصواب، ولا اختلاف بينهم في أن الحاكم إذا تبين له أنه قد خطأ خطأ لا اختلاف فيه، يرجع إلى ما بان له من الصواب، وأما إن لم يقدم، ولا علمت حياته ولا موته حتى بلغ من السنين ما لا يحيا إلى مثلها، فلا ترد من الصداق شيئا، كانت قد تزوجت أو لم تتزوج. ويأتي على قول ابن وهب المتقدم أنه إذا بلغ من السنين، ما لا يحيا إلى مثلها، وقد كانت تزوجت، أن ترد نصف الصداق، وهذا إذا كان الصداق حالا، وأما إن كان مؤجلا فاختلف في ذلك، كالاختلاف في قضاء ما لم يحل من ديونه، فقال أصبغ في الواضحة: تعطى الصداق عاجله وآجله، ويقضى من ماله ديونه التي عليه، حل أجلها أو لم يحل، ويوقف بقيته، وينفق منه على ما تلزمه نفقته، غير امرأته، وفي غير