شهادتهما من أجل دانق؟ فقال: نعم، وما يثبت ذلك له؟ ولكن رأيت أن العدل لا يتهم في شهادته حتى يرد في دانق يجره إلى نفسه، ولقد قلت أن ايتني بهما، فقال: يأبيان، ولست أدري أعدلان هما أم لا؟ فقال: إنما يتكلم في مثل هذا على العدالة، فقال: جاءني جازر أسود وكلهم جازر ولا أراهما إلا مثله، فإن كانا عدلين فلا أرى أن يتهما في مثل هذا، قيل له: أرأيت عليه الحنث بشهادتهما إذا كانا عدلين؟ أفرأيت ذلك النصف يقع عليه أم يطرح، فقال: لا أدري، ولقد قلت أرأيت هذا النصف إن لم يكن عليك على ما هو؟ فقال: هو علينا جميعا، وما أراه إلا وقد أصاب.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن الحالف لما نازعه شريكه في ثمن الشاتين فحلف بالحلال عليه حرام أنه لم يشترهما إلا بثمانية وأربعين درهما، قامت زوجته أو أحد بسببها يَدَّعِي عليه الحنث وشهد له شريكاه أنه اشترى منهما الشاتين بثمانية وأربعين درهما ونصف، فأجاز مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - شهادتهما عليه في الحنث بالحلال عليه حرام ولم يتهمهما في أنهما يجران إلى أنفسهما بشهادتهما بما يجب لهما من النصف الدرهم وهو ثلثان ليسارة ذلك كما قال في المدونة في الشاهد يشهد في الوصية وقد أوصي له فيها باليسير أن شهادته فيها جائزة فساوى في هذه الرواية في هذا، بين الوصية وغير الوصية، وهو القياس، وقال مالك للحالف: أنت على يقين أنك لم تشتر هاتين الشاتين إلا بثمانية وأربعين درهما؟ فلما قال له: نعم، سكت عن الجواب في ذلك وهو لا شيء عليه فيما بينه وبين الله إن كان صادقا، وقال له: إنك قد حنثت وحرمت عليك امرأتك، يريد في الحكم الظاهر، بشهادة شريكيك عليك أنك اشتريت الشاتين