بثمانية وأربعين درهما ونصف إن لم ترد شهادتهما بشيء، فلعلهما لا يثبتان الشهادة.
فلما أخبره أنهما يثبتان الشهادة وأنه لا يقدر على رد شهادتهما إلا بأنهما شريكان له يجران إلى أنفسهما، لم ير ذلك مما يرد به شهادتهما ليسارة ذلك.
فوقف أشهب على ذلك بعد ذلك بيوم، وقال له: يا أبا عبد الله، أرأيت أن الحنث قد وقع عليه بشهادتهما وهما يجران لأنفسهما ليسارة ذلك، وأنهما لا يتهمان في شهادتهما من أجل دانق، فقال: نعم وما يثبت ذلك له؟ يريد للحالف، ولكن رأيت العدل لا يتهم في شهادته حتى يرد في دانق يجره إلى نفسه.
ووقفه أيضا هل يثبت على الحالف النصف بشهادتهما إن كانا عدلين ووجب عليه الحنث بها؟ فقال له: لا أدري.
ويتخرج على قولين:
أحدهما: أنه يثبت عليه النصف بشهادتهما فيكون لهما منه ثلثاه وهو الذي يأتي على قول ابن القاسم في المدونة في مسألة الشاهد يشهد في الوصية قد أوصي له فيها بشيء يسير، وهو قول مالك في رواية مطرف عنه.
والثاني: أنه لا يثبت عليه لهما من النصف شيء بشهادتهما، وهو قول ابن الماجشون في مسألة الوصية، وقد قيل: إن شهادتهما لا تجوز في الطلاق لجرهما إلى أنفسهما بشهادتهما ما يجب لهما من نصف الدرهم، وهو الذي يأتي على ما في المدونة؛ لأنه لم يجز فيها شهادة الشاهد لغيره إذا شهد لنفسه فيها بيسير إلا في الوصية، فهذه ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن شهادتهما تجوز في الطلاق والمال؛ لأن شهادتهما في المال في ضمن شهادتهما بالطلاق.
والثاني: أن شهادتهما تجوز في الطلاق ولا تجوز في المال، إذ لا تجوز شهادة أحد لنفسه في قليل ولا كثير.