مغيبه وغاب أثره وجب أن يرجع في أمره إلى حكم المفقود، وأما على مذهب ابن الماجشون الذي لا يعذره بالمغيب فإنه يطلق عليه إذا انقضى الأجل علم موضعه أو لم يعلم، قربت غيبته أو بعدت كان مفقودا أو غير مفقود؛ لأن حكم الإيلاء قد لزمه عنده، فلا يزاد فيه أكثر مما فرضه الله تعالى.
وأما قوله في الذي جن جنونا مطبقا عند الأجل إن السلطان يوكل عليه من يكون ناظرا له في أمره، فإن رأى له ألا يفيء وأن يطلق عليه فعل ولزمه ذلك، وإن رأى أن يفيء عنه فيكفر عنه إن كانت يمينه بعتق رقبة فعل، وأقر مع امرأته، وجاز عليه جميع ما فعل، ففي ذلك من قوله نظر إذ إنما يصح للوكيل أن يفيء عنه فيكفر عنه إذا كانت يمينه بعتق عبد بعينه أو صدقة شيء بعينه أو طلاق امرأة له أخرى وما أشبه ذلك؛ لأن الوكيل إذا أعتق ذلك العبد أو تصدق بذلك الشيء أو طلق تلك المرأة سقطت اليمين عنه وارتفع الإيلاء كما لو مات ذلك العبد أو ماتت تلك المرأة أو ملك ذلك الشيء الذي حلف بصدقته.
وأما إن كانت يمينه بمشي أو صيام أو صدقة شيء في ذمته ليس بعينه وما أشبه ذلك فلا يصح له أن يفيء عنه بشيء من ذلك؛ لأنه هو لو مشى عن نفسه أو صام أو تصدق عن يمينه قبل أن يحنث لم ينتفع بذلك، ولا انحلت به عنه اليمين، وكان عليه إن حنث أن يمشي مرة أخرى أو يصوم أو يتصدق، فالوكيل بمنزلة، بل هو أضعف مرتبة وحالا، إذ لا يصوم أحد عن أحد، ولا يمشي أحد عن أحد، ولو تصدق الوكيل عنه ليحل اليمين عنه لوجب عليه الضمان إذ أتلف عليه ماله فيما لا منفعة فيه، وكذلك إن كانت يمينه بالله فكفر عنه لا ينتفع بذلك ولا تنحل به عن اليمين؛ لأن الكفارة لا تكون إلا بنية، فلا يصح أن يكفر عنه بغير إذنه إلا على قياس أحد قولي ابن القاسم فيمن أعتق عبدا من عبيده عن رجل عن ظهاره بغير إذنه فرضي لما بلغه أن ذلك يجزيه، وهو قول ضعيف خارج عن الأصول،