والقول الآخر هو الصواب أن ذلك لا يجزيه، وهذا كله على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، وهو المشهور في المذهب، وأما على مذهب ابن الماجشون فلا يوكل عليه من يفيء عنه إذ لا يؤمر وليه أن يكفر عنه على حال، كما لا يؤمر هو أن يكفر عن نفسه إذا كان مريضا؛ لأن فيئته عنده إنما هي الجماع لا غير.
وأما قوله: إذا كانت يمينه بالله فوطأها في جنونه أنه إن وطأها فيه لحنث به، ويكفر عنه وليه يمينه إن كان حلفه في حال صحته، فهو قول ضعيف؛ لأن فعله في حال الجنون كلا فعل، فإذا وطأ في حال جنونه وجب ألا يحنث بذلك ولا يجب عليه به عليه الكفارة، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رفع القلم عن ثلاث فذكر فيهم المجنون حتى يفيق» ، ويكون ذلك مسقطا لحق زوجته في توقيفه حتى يمر به أربعة أشهر من يوم وطئها؛ لأنها قد نالت بوطئه إياها في جنونه ما ينال بوطئه إياها في صحته، وما تمادى به الجنون فلا توقيف فيه بحال.
ووجه قوله أنه رأى أنه لا يطأ إلا ومعه بقية من عقله فأشبه السكران عنده على مذهب من يرى أنه يلزمه الأفعال ولا يلزمه الأقوال.
وأما قوله: قلت: فلو كانت يمينه أن قال: أنت طالق إلا إن وطئتك إلا في بلد كذا وكذا أو حتى أغزو فقال وليه: أنا ألزمه هذه الطلقة ويطأ امرأته ويترك معها أو قال: أنا أسافر به إلى البلدة أو أغزو به ثم أرده فيطأ ولا يطلق عليه فقال: إن رأى ذلك خيرا له فعل، وجاز عليه، فلا يستقيم إذ لا منفعة له في إلزامه الطلقة في هذا؛ لأنها يمين هو فيها على بر، ولا اختلاف في أن من قال: امرأتي طالق إن فعلت كذا لا منفعة له في أن يقدم الطلاق قبل الحنث؛ لأن الطلاق يلزمه ثانية إن فعل ذلك الفعل وامرأته تحته على شيء من بقية طلاق ذلك المملك، وكذلك غزوه وسفره به لا منفعة له فيه إذ لم يسافر هو ولا غزا باختياره إلا أنه على أصله في تحنيثه بوطئه، وقد ذكرنا وجه قوله في ذلك.
وأما قوله بعد ذلك: إن الإيلاء لا يسقط عنه لما حل به من جنونه ولا