بالضمان؛ فأوجب للمشتري رد الشاة المصراة بعيب التصرية، وجعل ما احتلب من اللبن له بما أعلف وضمن، وذلك بعيد؛ لأنه ابتاع شاة محفلة عظيمة الضرع باللبن الذي صراه البائع فيها، فليس له أن يردها، وقد نقصت صفتها عما اشتراها به، ويأخذ جميع الثمن.
وقوله في المدونة من رواية ابن القاسم عنه، أو لأحد في هذا الحديث رأي أصح وأولى بالصواب؛ لأن اللبن المصرى في ضرع الشاة بعضه للبائع تركه في ضرعها، فلم يحلبه لينفعها به، فوقع البيع عليه، وصار كمن باع شاة ولبنا بالثمن الذي سمياه، وبعضه غلة للمشتري، وهو المقدار الذي كان يكون في ضرعها لو لم تكن مصراة مع ما احتلب منها في الحلاب الثاني، فلما لم يعلم مقدار ما يجب رده مع الشاة من اللبن المصرى مما هو غلة للمشتري، لا يجب عليه رده؛ أوجب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في ذلك للبائع على المبتاع إن رد الشاة بعيب تصريتها صاعا من تمر، حكما أوجبه شرعا رفع به مئونة الاجتهاد في تحري ما وقع عليه البيع من اللبن المصرى مما هو غلة.
وقد كان القياس أن يتحرى ذلك اللبن، فيرد قيمته مع الشاة إذا أراد ردها بعيب تصريتها؛ لأنه كمن باع طعاما جزافا وعرضا في صفقة واحدة، ثم وجد بالعرض عيبا وقد فات الطعام الجزاف، أنه لا يرد بقيمته مع العرض؛ إذ لا يمكن رد مثله؛ لكونه جزافا؛ وألا يجوز الحكم في ذلك بالصاع من التمر؛ لأن البائع قد وجبت له قيمة ذلك اللبن إذا ردت عليه الشاة، فيكون قد فسخ تلك القيمة الواجبة له في صاع تمر حتى يقضاه، فيدخله فسخ الدين في الدين؛ إلا أنه لا رأي لأحد مع السنة الثابتة، وإذا ثبتت