بها، وأستحسن قول مالك؛ لأنه إن حبسها وأقام بالمدينة الإقامة الطويلة فتلفت رأيته ضامنا.
قال محمد بن رشد: قول مالك في أول هذه المسألة لا أرى بذلك بأسا في الذي أبضعت معه بضاعة من مكة إلى مصر فيمر بالمدينة وله بها إقامة فيبعث بها مع ثقة إلى مصر، معناه لا ضمان عليه في ذلك على ما حكى سحنون عنه بعد ذلك من أنه قال: لا ضمان عليه، وفي قوله: إنه لا ضمان عليه إن فعل دليل على أنه لا ضمان عليه أيضا إن أمسكها مع نفسه ولم يفعل، وهو نص قول ابن القاسم من رواية عيسى [لا شيء على المبضع معه، ذهبت من الرسول إن بعثها أو من المبضع معه، يريد: ذهبت من الرسول إن بعثها أو من المبضع معه إن أمسكها. وإنما يسقط عنه الضمان إن ادعى الرسول تلفها إذا أشهد عليه بالدفع، فقول ابن القاسم من رواية عيسى عنه] تفسير لقول مالك، وأما قوله في رواية سحنون عنه: أما أنا فأقول: إن كانت إقامته بالمدينة إقامة يسيرة، الأيام اليسيرة فإن بعث بها رأيته ضامنا وإن بدا له في الإقامة بالمدينة وذلك يطول به فأرى أن يبعث بها وأستحسن قول مالك فيها إلى آخره فظاهره أنه خلاف لقول مالك، ولا ينبغي عندي أن يحمل على ظاهره من الخلاف لقوله لأنه لا يتكلم على الإقامة الأيام اليسيرة ولا على الإقامة الطويلة، وإنما تكلم على ما بين ذلك، فإن كانت إقامته الأيام اليسيرة نحو ما ينتقل المسافر في طريقه وجب أن يضمن إن بعث بها فتلفت لأن صاحبها قد علم أن سيقيم في طريقه لما يحتاج إليه، فقد دفعها إليه على ذلك، وإن كانت إقامته بالبلد الذي مر به في طريقه إقامة طويلة وجب أن يضمن إن أمسكها ولم يبعث بها وهو يجد ثقة يبعث بها معه فتلفت لأن صاحبها لم يرد أن يودع في ذلك البلد، وإنما أراد توصيلها إلى حيث بعث بها، فإذا تعدى