إرادة صاحبها فيها ضمن. والطول في هذه السنة فما فوق ذلك على ما يأتي في سماع محمد بن خالد، وإذا كانت إقامته الشهر والشهرين ونحو ذلك وسعه الاجتهاد في ذلك وجب ألا يضمن أمسكها مع نفسه أو بعث مع ثقة على ما ما قال مالك، ولا يخالف في هذا ابن القاسم، والله أعلم، فلم يرد بقوله: أما أنا فأقول إنه يقول قولا مخالفا لقول مالك، وإنما أراد أنه يقول قولا أفسر من قوله وأبين، هذا الذي أقول به، والله أعلم.
وتمثيل ابن القاسم المبضع معه البضاعة لا يجد لها محملا فيعطيها لبعض من يثق به بالحاضر يستودع الوديعة فيخاف عليها في منزله من عورته أو خرابه أو عدم من يحفظه فيستودعها غيره ليس بتمثيل صحيح، وهو خلاف ما حكى عن مالك في أول كتاب الوديعة من المدونة من أنه لم ير السفر مثل الحضر؛ لأنه إذا دفعه إليه في السفر إنما دفعه ليكون معه، فالذي يأتي على مذهب مالك في المدونة أنه ضامن للبضاعة إذا دفعها إلى غيره وإن لم يجد لها محملا إلا أن يعلم صاحبها أنه لا يجد لها محملا وأنه يعطيها لغيره ممن يحملها فيسقط عنه الضمان، وأما إن لم يعلم بذلك فهو ضامن؛ لأن قبضه البضاعة منه دليل على أنه هو يحملها، ويؤيد هذا تأويل ما وقع في رسم الصبرة من سماع يحيى بعد هذا من هذا الكتاب في الذي يبعث إلى الرجل بالنفقة ليشتري له بها متاعا فيدفعها المرسل إليه لمن يشتري له فتلف إنه ضامن إلا أن يكون صاحب النفقة قد علم أنه لا يلي اشتراء مثل هذا المتاع، وإنما تشبه مسألة الحاضر يستودع الوديعة فيخرب منزله فيستودعها غيره فلا يكون عليه ضمان لما قاله سحنون في آخر سماعه من هذا الكتاب. فيمن أبضع معه بمال فخرج اللصوص إليه فلما رهقوه ألقاها في شجرة ليحرزها على صاحبها أو دفعها إلى فارس ينجو بها إنه لا ضمان عليه، ولهذا الذي ذكرناه لم ير سحنون قول ابن القاسم حسنا على ما ذكر في المدونة.