أنه إن لم يمض ذلك الذي وكله فنحن راجعون في أموالنا؟ قال؛ هذا لا يجوز؛ لأنه يعد سلفا يجر منفعة إذا عجلوا للوكيل ما صالحوه به من أموالهم ونقدوه إياه؛ لأنهم كأنهم قالوا له: خذ من أموالنا سلفا تنتفع به وأخر صاحبنا بما عليه إن كان حيا واترك كشف ورثته عما ورثوا عنه إن كان ميتا حتى يقدم صاحبك، فإن جوز الصلح مضى ذلك لنا، وإن لم يجوزه رددت إلينا أموالنا، فذلك لا يجوز؛ لأنه سلف جر منفعة. وهذا الصلح يفسخ على كل حال ويرد إلى القوم ما لهم يبتدئون الصلح صحيحا إن شاءوا.
قال محمد بن رشد: قوله: إن الوكيل على اقتضاء الدين وإن فوض إليه النظر في ذلك لا يجوز له مصالحة غريم من الغرماء وإن كان ذلك من النظر للموكل حتى يفوض إليه المصالحة صحيح؛ إذ لا يقتضي تفويض النظر إليه فيما وكل عليه من اقتضاء الديون المصالحة فيها وإن كان ذلك من النظر له؛ إذ ليس للوكيل أن يتعدى في وكالته ما سمي له ويتجاوز ذلك إلى ما لم يسم له. وقد مضى بيان هذا في رسم أسلم من سماع عيسى، وأن هذا ليس بخلاف له كما زعم بعض الناس بما لا مزيد عليه.
وفي قوله: قيل: فإذا لم يفوض إليه المصالحة فوجد الوكيل غريما من غرماء الموكل عديما فيدعوه إلى المصالحة ببعض ما عليه ويضع عنه ما بقي فيفعل ذلك الوكيل أو يصالح عن الغريم بعد موته ببعض ما كان عليه ويضع عنه سائر ذلك، قال: ذلك لا يلزم الموكل إلا إن شاء نظر؛ لأن هذا لا ينبغي أن يلزم الموكل وإن فوض إليه المصالحة؛ لأن المصالحة لا تجوز عليه وإن فوض أمرها إليه إلا على وجه النظر، ولا نظر في ذلك للموكل، إذ لا حاجة له إذا وجده عديما إلى أن يقتضي منه بعض ما عليه ويضع عنه بقيته؛ لأنه قادر على أن يقتضي منه ما وجد عنده ويؤخر ببقيته، اللهم