النزول والذهاب حيث شاءوا فلما رفعوا من ذلك الموضع فكأنهم ابتدأوا الركوب الساعة من ذلك الموضع، فيجب عليهم الكراء بقدر الموضع الذي بلغوه، وهم عندي بمنزلة ما لو انكسر المركب في هذا الموضع الذي ذكرت فسلم متاعهم أو بعضه فيجب عليهم من الكراء بقدر ذلك وبقدر ما انتفعوا به، فهذا هو ما فهمه. وأما الذين حاذوا قرية ولم ينزلوا وكانوا قادرين على النزول أو لا يقدرون، فإن كانوا بقرب البر جدا وصاروا إلى موضع الأمن لا يخافون فيه من الريح شيئا قد أمنوا لقربهم من البر، وتعلقهم بالمرسى، ولو شاءوا أن يرسوا لأرسوا، ثم قلدوا فردتهم الريح فهؤلاء عندي بمنزلة من أرسى يحاسبون أيضا. وأما إن كانوا حاذوا ولم يكونوا بهذه المنزلة من القرب والأمن، غير أنهم يخافون ويرجون فلا أرى عليهم كراء؛ لأن البحر سلطانه عظيم، ولا يؤمن تقلبه. قيل: أرأيت إن كانت الريح غير غالبة لهم ولكن ردهم فزع اللصوص أو الروم، وكانوا ملججين أو غير ملججين قد عرفوا موضعهم أو لا يعرفون موضعهم؟ أو كيف إن كان الركاب بدالهم في الرجوع فغلبوا أصحاب المركب وقهروهم على الرد إلى موضعهم على ما وصفت لك من المسألة؟ قال أصبغ: أما إذا رجع أصحاب المركب فإن كان ذلك بسؤال من الركاب وطلب ردهم فالكراء عليهم، وإن كان على إكراه من أصحاب المركب فلا شيء لهم من الكراء، وإذا كان الركاب هم الطالبون الرجوع فالكراء كله عليهم وافر، وإن كان الركاب هم الطالبون لذلك