إن كانت جنانا أو مقصلة، فأضر تبنه بجنان هذا أو مقصلته؟ قال: ليس لصاحب الأندر أن يحدث على صاحب البنيان أندرا، إذا كان ذلك يضر به كما وصفت لك، وهو مثل الذي يحدث في جوار الرجل الأفران والحدادين، فيضر ذلك بجاره، فإنه يمنع من ذلك، ويقضى عليه بذلك، ثم ينظر في صاحب الأندر، فإن كان الأندر قبل البنيان، فلا يغير الأندر عن حاله، ولصاحب البنيان أن يبني، ولا يمنع من البنيان بما ذكرت من ريح ولا دراس، وإنما نظيرتها عندي لو بنى رجل، فرفع بنيانه حتى يمنع جاره الضوء والريح والشمس، لم يمنع من رفع بنيانه، قيل: فلو أن أندر الرجل في جوار أندر رجل نصب فيه قشاقيره، فقال له جاره: إن قشاقيرك تمنعني من الريح في أندري، فاقلعها عني، إن ذلك ليس له، ولا يقلع عنه زرعه إذا كان، إنما ينازعه في أرضه بعضه فوق بعض، وهو الصواب إن شاء الله.
وقال ابن نافع: لا أرى لأحد ممن لا حق له في الأندر أن يحدث عليه بنيانا يضر فيه بأصحاب الأندر، وليس للرجل أن يحدث على جاره بنيانا يضر به في أندره، ولينح ذلك إلى مكان لا ضرر فيه على صاحب الأندر. وقال عبد الله بن نافع: وسواء احتاج إلى البنيان، أو لم يحتج إليه؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا ضرر ولا ضرار» ، قال سحنون مثل هذا القول يمنع من أراد أن يبني دارا من ناحية الريح، إذا كان الأندر قديما قبل بناء هذا، وهو أحسن من قوله الأول.