غدا، والرجل يقدم غدا، أو ما أشبه هذا. قال: أرى أن يزجر عن ذلك، فإن لم يفعل أدب في ذلك، ثم قال: وإني لأرى هؤلاء المعالجين الذين يعالجون المجانين، ويزعمون أنهم إنما يعالجون بالقرآن، وقد كذبوا ليس كما قالوا، ولو كانوا يعلمون ذلك لعلمته الأنبياء، قد صنع لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سم، فلم يعرفه حتى أخبرته الشاة، وإني لا أرى هذا ينظر في الغيب، وإنها عندي لمن حبائل الشيطان.
قال محمد بن رشد: ليس قول الرجل الشمس تكسف غدا، أو القمر ليلة كذا، من جهة النظر في النجوم وعلم الحساب بمنزلة قوله من هذا الوجه فلان يقدم غدا في جميع الوجوه؛ لأن الشمس والقمر مسخران لله تعالى في السماء، يجريان في أفلاكهما من برج إلى برج على ترتيب وقدر وحساب لا يتعديانه، قال الله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٣٩] ، وقال:{الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}[الرحمن: ٥] ، وقال:{فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس: ٤٠] ؛ فالقمر سريع الذهاب يقطع جميع برج السماء في شهر واحد، ولا تقطعها الشمس إلا في اثني عشر شهرا، فهو يدرك الشمس في آخر كل شهر، ويصير بإزائها من البرج الذي هي فيه، ثم يخلفها، فإذا بعد عنها استهل، وكلما زاد بعده منها زاد ضوؤه، إلى أن ينتهي