ولقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: قال تعالى: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» . وقيل: إنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
روي ذلك عن أشهب، وقيل: إنه يزجر عن ذلك ويؤدب عنه، وهو قوله في هذه الرواية، والذي أقول به: إن هذا ليس باختلاف قول في موضع واحد، وإنما هو اختلاف في الأحكام بحسب اختلاف الأحوال، فإذا كان المنجم يزعم أن النجوم واختلافها في الطلوع والغروب هي الفاعلة لذلك كله، وكان مستسرا بذلك، فحضرته البينة قتل بلا استتابة، فهو كافر زنديق، وإن كان معلنا بذلك غير مستتر به يظهره ويحاج عليه استتيب، فإن تاب وإلا قتل كالمرتد سواء، وإن كان مؤمنا بالله تعالى مقرا بأن النجوم واختلافها في الطلوع والغروب لا تأثير لها في شيء مما يحدث في العالم، وأن الله تعالى هو الفاعل لذلك كله، إلا أنه جعلها أدلة ما يفعله، فهذا يزجر عن اعتقاده ويؤدب عليه أبدا حتى يكف عنه ويرجع عن اعتقاده ويتوب عنه؛ لأن ذلك بدعة يجرج بها، فتسقط إمامته وشهادته على ما قاله سحنون في نوازله، من كتاب الشهادات، ولا يحل لمسلم أن يصدقه في شيء مما يقول، وأنى يصح أن يجتمع في قلب مسلم تصديقه مع قَوْله تَعَالَى:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}[النمل: ٦٥] ، وقوله:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا}[الجن: ٢٦]