أدرك. قلت: فإن فات، قال: إن كان رجلا متعودا بذلك أدب وزجر، وإن كان على غير ذلك نهي عن ذلك، ولم يكن عليه شيء، وسئل عنها سحنون فقال: سألت عنها ابن القاسم، فقال: إذا باع حاضر لباد، فأرى أن يمضي البيع، وأن يؤدب أهله، قال زونان: وسئل ابن وهب عن الحاضر يبيع للبادي عالما بمكروهه، أو غير عالم، هل ترى للسلطان أن يؤدبه؟ فقال: لا يؤدب، ولكن يزجر عن ذلك.
قال الإمام القاضي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فرق ابن القاسم في رواية عيسى وأصبغ عنه بين شراء المتلقي وبيع الحاضر للبادي، فأجاز شراء المتلقي، ولم يفسخه، إلا أنه رأى أن تعرض السلعة على أهل تلك التجارة بالثمن الذي اشتراها به إذا أدركت في يده، أو على جميع الناس بالسوق، إن لم يكن لها أهل.
وقوله: إن أدركت بيده معناه إذا أدركت بيده قائمة إن لم يكن لها أهل، واختلف بماذا تفوت في ذلك، فقيل: إنها تفوت فيه بما يفوت به البيع الفاسد، وقيل: إنها لا تفوت إلا بالعيوب المفسدة، ولم يجز بيع الحاضر للبادي، فقال: إنه يفسخ ما لم يفت، يريد ما يفوت به البيع الفاسد، وساوى في رواية سحنون عنه بين البيعتين أنهما لا يفسخان إذا وقعتا؛ إذ لا غرر فيهما، ولا فساد في ثمن ولا مثمون، إلا أنه رأى في شراء المتلقي أن تعرض السلعة على أهل الأسواق بالثمن الذي اشتراها به، ويلزم على قياس ذلك في بيع الحاضر للبادي، أن يكون للمشتري الرد إن شاء، إذا لم يعلم أن حاضرا باع له، وقال: ظننته باديا أشتري منه رخيصا، ولم ير ذلك له في ظاهر قوله، وذلك تعارض بين الوجهين، وساوى غير ابن القاسم بينهما في أنهما يفسخان، قال: وكذلك الذي يسوم على سوم أخيه، وهو قول مالك في رواية ابن نافع وأشهب عنه، فقول ابن القاسم في سماع سحنون عنه على القول بأن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه، وقول غيره ومالك في رواية أشهب، وابن نافع عنه على القول بأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه، فقد قيل: إنه يقتضيه من جهة وضع اللغة؛ لأن