للحق الذي لهم في ذلك، ويكون المشتري في بيع الحاضر للبادي بالخيار بين أخذها وردها، إن لم يعلم أن حاضرا باعها منه للحق الذي له في ذلك أيضا. وقيل: إنه لا حق له في ذلك، فلا تعرض السلعة في التلقي على أهل السوق، ولا يكون للمشتري من البادي إذا باع منه حاضر، ولم يعلم خيار في ردها.
وقد حكى ابن حبيب أن بيع الحاضر للبادي يفسخ؛ لأن عقده وقع بما نهى عنه رسول الله إلا أن يشاء المشتري أن يتمسك، قال: وهو قول مالك، وقوله بعيد خارج عن الأصول؛ لأن العقد إذا كان فاسدا بالنهي، فلا يجوز للمشتري التمسك به، وإنما الكلام إذا لم يكن فاسدا بالنهي على القول بأن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه، فقيل: إنه يلزم المشتري ولا خيار له، وقيل: إنه يكون بالخيار إذا لم يعلم أن حاضرا باع منه على ما ذكرناه.
وقد ذهب بعض الشيوخ إلى أن يجعل قول ابن حبيب مفسرا لرواية أصبغ وعيسى عن ابن القاسم في هذا الرسم، وذلك غير صحيح؛ لأنه قد نص فيها أنه بيع حرام؛ لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عنه، فكيف يصح أن يقال في البيع الحرام: إن المشتري فيه بالخيار، فرواية سحنون عن ابن القاسم مخالفة لرواية عيسى وأصبغ عنه في ثلاثة مواضع؛ أحدها: أن بيع الحاضر للبادي لا يفسخ. والثاني: إيجاب الأدب فيه، وفي بيع التلقي إذا لم يعذر بجهل؛ لأن ابن القاسم في رواية عيسى وأصبغ عنه لا يرى في ذلك الأدب، إلا أن يكون معتادا بذلك، وهو قول ابن وهب في رواية زونان عنه. والثالث: ما ذكرته من تعارض قوله في وجوب عرض السلعة في التلقي على أهل السوق.
وأما قوله في رواية أصبغ في أهل نبا وأبو صير أنهما كورتان من كور أهل مصر، فهما كأهل المدائن في جواز البيع لهم، فقد مضى الاختلاف في ذلك، والقول فيه في رسم حلف، وفي رسم تأخير صلاة العشاء، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادة ذلك، وبالله التوفيق.