ولا مخرج إلا بالتشريف عليه والنظر في منزله والتطلع على عياله منع ولم يكن له فتحه.
وإن كان ليس كذلك، وإنما هو أمر يخاف أن يتطلع منه، وليس على ما وصفت لك لم يمنع من ذلك، وقيل له: استر على نفسك إن شئت، أو يعلم ما قلت من تطلعه فيمنع من ذلك ويزجر عنه ويؤدب عليه بعد التقدمة ولا يغلق بابه على حال، وإنما ذلك بمنزلة ظهر القصر وسطحه، والبنيان يرفعه عليه فيحتج أيضا فيقول: أخاف أن يتطلع عليَّ منه، أو الكوة يفتحها الرجل في منزله للضوء والروح فيحتج بمثل ذلك فليس له في ذلك حجة إذا كان على ما وصفت لك.
وقال أشهب: إذا كان يناله المار فأرى أن يمنع من ذلك حتى يرفع بقدر ما لا يناله، وإن نظر منه المار لم يكن ذلك له، فإن تطلع منه أو تشرف لغير حاجة فإنه يمنع من ذلك.
قال محمد بن رشد: قول ابن وهب إن كان فتحه الباب مضرا بجاره مثل أن يكون ليس له مصرف ولا مدخل إلا بالتشريف عليه والنظر في منزله والتطلع على عياله منع، هو مثل قول أشهب إن كان يناله المار فأرى أن يمنع، ومثل ظاهر ما في كتاب حريم البير من المدونة على معنى ما جاء عن عمر بن الخطاب أنه كتب في ذلك أن يوضع وراء تلك الكوة سرير ويقوم عليه رجل فإن كان ينظر إلى ما في دار الرجل منع من ذلك، وإن كان لا ينظر لم يمنع من ذلك؛ لأن الأسرة مما يتخذها الناس في بيوتهم، فإذا كان من قام عليها اطلع على جاره منع من ذلك، فالمعنى في هذا كله أن ما كان من الاطلاع لا يصل إليه المطلع إلا بكلفة ومئونة وقصد إلى الاطلاع بتكلف صعود لا وجه له إلا ذلك لم يمنع من ذلك،