وقيل للذي يشكو الاطلاع: استر على نفسك، فإن أثبت عليه أنه اطلع عليه بقصد إلى ذلك كان حقا على الإمام أن يؤدبه على ذلك ويزجره حتى لا يعود إليه.
وقد أفتى الشيوخ عندنا فيمن فتح في قصبة له بابا لا يطلع منها على دار جاره إلا بأن يخرج رأسه من الباب (ليطلع) أو يخرج إلى السقف بين يدي الباب، أو يجعل على الباب شرجيا وثيقا يمنع من أن يخرج منه إلى السقف، أو يخرج أحد منه رأسه ليطلع، وهو حسن من الفتوى، فإذا ثبت الاطلاع فقيل: يحكم بسده وإزالة أثره لئلا يكون له بعد مدة دليلا على القدم فيكون له إعادته، يقوم ذلك من قول مالك في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الأقضية.
وقال ابن الماجشون في الواضحة: لا يلزمه سده، ويكون له أن يجعل أمام ذلك ما يستره ويواريه، وقد قيل: إن الاطلاع ليس من الضرر الذي يجب قطعه على حال، وعلى الذي يطلع عليه أن يستر على نفسه بما يقدر عليه، وقد ذكرنا ذلك في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الأقضية، فمن أحب الوقوف عليه تأمله هناك.
وإنما يمنع من ضرر الاطلاع ما كان محدثا، قال في كتاب تضمين الصناع من المدونة: ومن كانت له على جاره كوة قديمة أو باب قديم فليس له سد ذلك عليه، وإن لم يكن له في ذلك منفعة وعليه فيه مضرة، وكذلك قال ابن الماجشون: إن الأبواب والكوى التي يطلع منها إن كانت قديمة قبل بناء الدار المطلع عليها لم يمنع من ذلك.
قال: ولو أراد صاحب العرصة أن يمنعه من فتح باب على عرصته قبل بنائها لضرر ذلك عليه إذا بنى لم يكن ذلك له، وقال مطرف: له أن يمنعه قبل البناء وبعده؛ لأنه حق له يذب عنه.
قال: ولو ترك أن يمنعه قبل أن يبني كان له أن يمنعه إذا بنى ولا يكون تركه الذب على حقه قبل أن يبني مانعا له